من العاصمة الخرطوم نتجه إلى درافور، في مهمة لتنفيذ عدد من المشاريع والنشاطات الإنسانية هناك، حيث قام باستقبالنا أعضاء من مؤسسة محلية شريكة لهيئتنا.
بعد رحلة طويلة، وصلنا إلى الجامع الذي أنشأته الهيئة في أحد مناطق دارفور، ثم قمنا بزيارة المستشفى الذي أنشأته الحكومة التركية. إنه يضم 150 سريراً، ويعمل فيه العديد من الأطباء الأتراك والكوادر التركية. إن ثقة المرضى الأطباء الأتراك تدفعهم للقدوم من تشاد إلى هذا المستشفى.
انتهينا من زيارة المستشفى، ثم انطلقنا في الرحلة من جديد. ومررنا عبر الطرق الترابية من أمام الأبواب الملونة، ثم وصلنا هدفنا حيث سنزور بيوت الأيتام. ورغم الهواء الحار، والغبار الذي يملأ الهواء، إلا أنني كنت أختلج لهفة للقائهم، وأظن أنني لم أكن الوحيدة في شعوري ذاك، فقد كان الأصدقاء ضمن الفريق يعيشون لحظات من التلهف إلى لقاء الأطفال الأيتام.
وما أن بدأت زيارتنا، حتى حلَّ الحزن والأسى مكان كل شعور في قلبي، فالأطفال الأيتام وعوائلهم يعيشون في مساحات ضيقة جداً وفي ظروف بائسة، بينما نعيش نحن في بيوتنا الفارهة. من الصعب جداً وصف ما كنت أشعر به.
التقينا مع أطفالنا الأيتام، فلعبنا وضحكنا سويةً، واستمتعنا في الوقت الذي قضيناه معاً، وكلما كنت فكرة الفراق والعودة إلى حياتنا تخطر في بالي كان الحزن يعتمل في داخلي. إلا أنني أدرك أيضاً أن ثمة أمراً لن أنساه أبداً: إنه ثقل المسئولية التي باتت على عاتقي؛ مسئولية كفالة الأيتام.
إن لساني لن يلهج بعد الآن إلا بدعاء واحد وهو: اللهم كن لنا عوناً على فعل الخير..