ولد الشهيد جوهر دوداييف في الأيام الأولى من عام 1944 في قرية يالهو الشيشانية. قضى دوداييف الثلاث عشرة عاما الأولى من حياته فى منفى داخلي فى جمهورية كازاخستان السوفييتية الإشتراكية آنذاك مع اكثر من 500 الف شيشاني قام الروس بنفيهم أثناء التهجير القسري الذي لم يشهد التاريخ مثلها من قبل لقي فيها الآلاف منهم حرفهم في الطريق ولكن كتب الله تعالى له البقاء على قيد الحياة ليصبح بعد ذلك قائدا لثورة خالدة ويستشهد في سبيل الله وفي سبيل إستقلال وطنه
قضى دوداييف طفولته في مدينة شيمكنت في كازاخستان في ظل ظروف قاسية من جوع وفقر كبير. نشأ بالقصص التي لم تمل والدته عن حكيها عن وطنهم الشيشان وكبر في جو روحاني كمسلم متنور في وسط الظلام الذي حظرت فيه كل الافكار والقيم الدينية في الجمهوريات السوفييتية آنذاك. عد عودة الشيشان والأنجوش إلى وطنهم عام 1957 ، أخذ يدرس فى مدرسة ليلية فى أنجوشيا الشيشانية و تأهل فى مجال الكهرباء ، وفى عام 1962 وبعد عامان من دراسة الإلكترونيات فى” فالديكفكاز” إنضم إلى مدرسة الطيران العسكري وتخرج منها عام 1966 .وفى عام 1971 – 1974 درس فى أكاديمية جاجارين لسلاح الجو تزوج بعد ذلك بالسيدة أللا دوداييفا
وشارك دوداييف ايضا فى الحرب السوفييتية فى أفغانستان .و قاد فرقة من القاذفات الإستراتيجية السوفيتية، كانت متمركزة في تارون، في جمهورية استونيا البلطيقية، وعُرِف عنه آنذاك تعاطفه مع الاستقلاليين الأستونيين، حتى إنه رفع علم أستونيا على واجهة القاعدة الجوية التي كان قائداً لها هناك ورد الامر بإلقاء القنابل على الابرياء في إستونيا قائلا : \'\' كيف لي ان القي القنابل على أبرياء يدافعون عن بيوتهم واوطانهم \'\' ليسمى بعد ذلك بالجنيرال العاصي والمتمرد . فتعلم دوداييف الاستونية وأظهر تسامح كبير للإستونيين عندما تجاهل الأوامر الصادرة له بإغلاق التلفزيون الأستونى والبرلمان وقام بسحب كتيبة الجو من إستونيا وقدم إستقالته من الجيش السوفييتي
و في تلك الأوقات كان الوضع في الشيشان يزداد تدهورا حيث بدأ ياندرباييف وزملاؤه تنظيم ثورتهم ونضالهم لاستعادة استقلال الشيشان وكان دوداييف على علم بما يحدث هناك. وبدعوة من ياندارباييف, عاد دوداييف إلى جروزنى العاصمة الشيشانية فى مايو عام 1990 ليكرس نفسه للسياسة المحلية ، وانتخب كرئيس للجنة التنفيذية للمعارضة غير الرسمية التى تدعو إلى سيادة الشيشان كجمهورية منفصلة عن الاتحاد السوفييتى. و فى أكتوبر عام 1991 اعتلى دوداييف منصبه الجديد كرئيس لجمهورية إيشكيريا الشيشانية . إثر انتخابات أشرف عليها فريق من المراقبين الدوليين، وقد حصل دوداييف، خلالها على 85 % من أصوات الناخبين. وأعلن سيادة الجمهورية وإستقلالها عن الاتحاد السوفييتي. ومن اكبر احلام دودييف هو إنشاء وحدة شعوب القوقاز باكملهم. وفي حرب أبخازيا، والتي بدأت في عام 1992 ارسل مقاتليه تحت قيادة شامل باساييف لدعم إتحاد الشعوب القوقازية.
وكانت موسكو تتابع كل هذه الاحداث في القوقاز في قلق كبير. فقد كان دوداييف يدعو كل شعوب المنطقة للتخلص من حكم روسيا والإتحاد تحت راية دول القوقاز ولكن روسيا لم تكن تتحمل فكرة خسارتها لهذه المنطقة
وبعد رنين اجراس الحرب في المنطقة, حاول دوداييف التفاهم والتفاوض مع الحكومة الروسية حتى أن تم مناقشة إمكانية بقاء الشيشان تحت حكم الإتحاد السوفيتي بحكم ذاتي كما هو الحال انذاك في التتار ستان. ولكن لم تقبل موسكو كل الإقتراحات وكانت مصممة على الوقوف امام جوهر دوداييف والقضاء عليه. فحاولت موسكو في البداية عن طريق خونتها في الداخل القضاء على خطة الإستقلال ولكنها لم تنجح في ذلك لأن فتيل الثورة التي اشعلها دوداييف واصدقاؤه كانت قد عمت كل ارجاء الشيشان وكانت مسألة وقت لتشمل كل بلاد القوقاز. وقدم كالموك يورا وزير العدل الروسي في هذه الفترة والذي هو من أصل شركسي إستقالته بعد ان قال لاحد اصدقائه : \'\' لقد إتخذ مجلسنا للامن قرار ببدئ هذه الحرب ولا سبيل للتراجع عن ذلك لانهم يفكروا بان فوزهم في حرب صغيرة سيمكنهم من إعادة الوضع في السياسة الداخلية إلى إتزان. و وفقا لهذا القرار, ستدخل قوات الجيش الروسية إلى الشيشان\'\'.
وفى 11 ديسمبر ، وبعد خمسة أيام من موافقة دوداييف وزير الدفاع الروسي بافيل جراتشيف على تجنب إستخدام مزيد من العنف ، قامت القوات الروسية بغزو الشيشان ليستقبلهم جوهر دوداييف الذي يعرف الجيش الروسي جيدا ويرد عليهم بمقاومة لن ينسوها ابدا ليعلن الجهاد ضد الروس قائلا جملته الشهيرة : \'\' يجب أن تقتلوا كل الشيشان في العالم حتى تستطيعوا قول كلمة انتصرنا فإن بقي شيشاني واحد سينجب ويحاربكم وسننتصر. بإمكانهم قتلنا وتشريدنا وسحق عظامنا بالدبابات ولكنهم لن يستطيعوا محو روح الحرية والإستقلال منا \'\'.
إستشهد دوداييف فى 21 إبريل عام 1996 في قرية جاخي ـ تشو جنوب الشيشان بواسطة صاروخ ليزر موجه عندما كان يستخدم هاتف بالقمر الصناعي بعد الكشف عن مكان وجوده من قبل طائرة إستطلاع روسية عندما قطعت إتصاله الهاتفي مع احد نواب مجلس دوما في المجلس ليحقق الله عز وجل دعاه بالإستشهاد والذي طالما تمناه قائلا : \'\' أطلب الشهادة لانها من ارفع وأهم الرتب والمقامات وأنا على استعداد للقتال حتى الموت من أجل استقلال بلادي وحرية شعبي \'\'. وكانت الولايات المتحدة الامريكية هي اول المصادر التي اكدت إغتيال الشهيد وعبرت على ذلك بانها نهاية للثورة ولكل الاحداث الجارية في الشيشان ولكن كان الشهيد قد حكي لشعبه الحقيقة بشكل لا يمكن للدول الإستعمارية فهمها او إستيعابها وإستمروا في درب شهيدهم ليهزموا الروس بعد عامين من الحرب والجهاد واكثر من 150 الف شهيد شيشاني خلفته هذه \'\' الحرب الصغيرة \'\' التي خاضوها ضد الروس
كان الشهيد جوهر دوداييف زعيما حقيقيا لم يطمع في يوم من الايام بالمال والسلطة والمقام. لم يقبل ابدا ما قدم له من مال ليترك بلاده وضمان امنه في الخارج. وثق تمام بشعبه. كان متواضع لحد كبير في إجابته لاحد ممثلي الإعلام الذي سأله قبل الحرب عن عدد الجنرالات في جيشه ليجيبه قائلا: \'\' كل فرد في الشيشان هو جنرال, انا لست إلا فرد واحد من المليون. كان جسورا ليقول للدول التي ارسل إليها رسائل للإعتراف بدولة الشيشان والذين رفضوا خوفا من روسيا قائلا : \'\' إذا لم تعترفوا بنا فإننا نحن ايضا لا يعترف بكم.
لم تنسى الشيشان ابدا هذا القائد العظيم. إستشهد في حرب إستقلال الشيشان اكثر من 300 الف شهيد ولا يزال الالاف منهم في المنفى. لم ينسوا قائدهم وإن نسيهم العالم باسره.ومازالت الشيشان حتي هذه اللحظة تجاهد من أجل إستقلالها وحريتها. وإن سألتم لماذا إستمرت الحر كل هذه الفترة الطويلة نجيبكم على لسان الشهيد رحمه الله الذي قال : الوقوف بشرف ولو ليوم واحد افضل من الحياة كعبد لمئة سنة