مدينة راف IHH لبناء الإنسان
مدينة راف IHH لبناء الإنسان مشروع فريد يجري إنشاؤه على أرض في مدينة الريحانية في محافظة هاتاي التركية تبلغ مساحتها نحو ١٠٠ دونم، ليكون مأوى لـ ٩٩٠ طفل كانوا ضحية حرب سلبتهم أباءهم وأمهاتهم. عند تمام المشروع ستكون المدينة أكبر مركز لرعاية الأطفال الذين دمرت الحرب حياتهم الأسرية وسلبت منهم آباءهم.
- خلفية المشروع
منذ تأسيسها وحتى اليوم، تداوم هيئة الإغاثة الإنسانية IHH على القيام برعاية الأطفال اليتامى وما يتعلق بهم من نشاطات، وكان آخرها هذا المشروع العظيم الذي قامت الهيئة بوضع حجر أساسه في مدينة الريحانية الواقعة في محافظة هاتاي بالتعاون مع مؤسسة راف القطرية في شهر رمضان بتاريخ ٢ تموز/يوليو ٢٠١٥ الموافق ليوم اليتيم العالمي، وذلك في إطار بروتوكول موقع عليه مع وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية في الجمهورية التركية.
- دوافع إقامة المشروع
لا ريب في أنَّ الأطفال السوريين هم أكثر المتضررين من الحرب المستمرة في بلادهم بلا هوادة منذ عام ٢٠١١. تشير التقارير إلى أنَّ طفلاً من كلِّ ثلاثة أطفالٍ سوريين، أي نحو ٣ مليون و٧٠٠ ألف طفل، ولدوا عقب اندلاع فتيل الصراع في البلاد. في الوقت الحاضر، ما يزال ٨ ملايين و٤٠٠ ألف طفل سوري (أكثر من ٨٠% من مجموع الأطفال السوريين) يعيشون تحت تأثير الحرب وتداعياتها داخل سوريا أو كلاجئين في البلدان المجاورة. فضلاً عن أنّ جلَّ هؤلاء الأطفال في حاجةٍ ماسةٍ للمساعدة في الحصول على أبسط حقوقهم في التعليم والصحة والمسكن والغذاء والدعم النفسي ولاسيَّما الأمان الذي هو أكثر ما يحتاجونه.
الحرب في سوريا التي حصدت وفق التقديرات أرواح ما يزيد عن 450 ألف إنسان قد خلفت أكثر من ٦٠٠ ألف طفل يتيم. وكما هي حال كلِّ الأيتام في العالم، فإنَّ الأيتام من الأطفال السوريين يتهدَّدهم خطر مهربي البشر، وعصابات تجارة الأعضاء، وشبكات الدعارة، ومنظمات التسول، وأنشطة الحركات التبشيرية. أطفال قد فتحوا أعينهم على الدنيا وسط نيران حربٍ ضروسٍ، أو في أرضٍ هي ليست بأرضهم في مخيمات اللجوء، حياتهم التي لا تعدو أنْ تكون بضع سنين مليئة بالصدمات النفسية ويتخللها العنف والخوف والتهجير القسري. ولا نهاية لمأساتهم ما لم تنتهي الحرب.
- ما الذي يهدف إليه مشروع المدينة؟
يهدف إلى احتضان ضحايا الحرب من الأطفال السوريين من أجل:
- تنشئتهم بدنياً ومعنوياً تنشئة سليمة وصحية
- تلبية جميع احتياجاتهم من تعليم وصحة وغذاء وكساء في بيئة منزلية.
- إعادة تأهيلهم من المشاكل النفسية التي يعيشونها نتيجة الصدمات التي تعرضوا لها.
- حمايتهم من نشاطات الحركات التبشيرية والتنظيمات والمافيات؛ والحفاظ على حياتهم في بيئة آمنة.
- ضمان الحياة الطبيعية فضلاً عن تنمية الجوانب الاجتماعية، والمهارات والثقة بالنفس.
- تنشئتهم على أساس الأخوة السورية التركية، وتوريث الأجيال القادمة الصدق والخير.
- ما الذي تحتوي عليه مدينة راف IHH
تحتوي المدينة على ٥٥ بيت تبلغ مساحة كل منها ٣٥٠ متراً مربعاً، فضلاً عن ذلك تضم المدينة ٣ مدارس وجامعاً ومركزاً صحياً، وباحات لعب، ومركزاً ثقافياً، وصالةً رياضيةً مغطاة، ومركز إعادة تأهيل، وبناء للعيادات، وورشات عمل، وحقول زراعية، ومساحات للتنزه.
بيوت جديدة لـ 990 يتيم
الغاية الأسمى من مشروع "مدينة راف IHH لبناء الإنسان" هي احتضان الأمة لأبنائها الواقعين ضحايا للمأساة الحرب
الحياة
صُمِّمت المدينة لتكونَ أشبَه بحيٍّ صغيرٍ يعيش فيه الأطفال بيئةً سليمةً تنقذهم من أجواء الحرب، وتخفف عنهم من صدمات العنف التي شهدوها حتى تعود حياتهم طبيعية. وستوفِّر المدينة للأطفال العيش بأمان واستقرار، وسترسِّخ فيهم ثقتهم بأنفسهم في مواجهة العزلة، كما ستعزز في داخلهم مشاعر العطف عبر تحفيزهم لرعاية الحيوانات والأشجار، فضلاً عن مراقبة عواطفهم، كما سيحظى الأطفال بقاعدة قوية لتحقيق أحلامهم.
البيت
صُمِّمت بيوت المدينة بما يتواءم مع حاجات الأطفال من إيواء وغذاء وتعليم ومشاركة وصحة وكساء وما شابهها، في بيئة عائلية دافئة. فالسمات المعمارية للبيوت، تسهِّل على الأطفال الاعتماد على أنفسهم في تلبية احتياجاتهم الشخصية، كما تنمي لديهم مشاعر الاحترام للخصوصية وللحياة العائلية. وقد فُصِّلت أركانها لتضم غرف النوم والطعام والدراسة، وجُهِّزت الغرف بعناية خاصة حتى في اختيار ألوان جدرانها.
العلاج النفسي
تفتح الاشتباكات والقنابل وأصوات السلاح وفقدان أفراد العائلة في مشاعر من يشهدها من الأطفال، جراحاً عميقة يصعب دَملُهَا أحياناً. العيادات المخصصة لعلاج صدمات العنف عند الأطفال هي من أبرز الأقسام التي يضمها المشروع. والغاية من تلك العيادات هي توفير الدعم النفسي للأطفال، ومساعدتهم في التعرف على ذاتهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم عبر بثِّ بذور الإقدام بداخله، وتنمية رغبة المشاركة عنده.
التعليم
تم إعداد النظام التعليمي في المركز بشكل يضمن للأطفال اكتساب المهارات الاجتماعية والقدرات التي تجعلهم يستمرون في حياتهم دون الحاجة إلى أحد. كما سيُساهم النظام التعليمي في تنمية شخصياتهم. الأطفال الذين سيَتلقون التعليم في مدارس المدينة سيحظون بفرصة تطبيق ما تعلموه في المدرسة، في الأماكن الاجتماعية التي تتضمنها المدينة كالصَّالة الرياضية والجامع وحقول الزراعة والبيوت وصالونات الحلاقة والبقاليات.
الصحة
ما من شك أنَّ الرعاية الصحية من أهم الاحتياجات الأساسية للأطفال. ولكي ينشأ الأطفال بصحة سليمة، فإنَّ المدينة قد بُنيت على أرض ترابية خصبة، وفي بيئة طبيعية. سيقوم الأطفال بتأمين احتياجاتهم اليومية من الخضار والفواكه مما سيزرعونه بأنفسهم في المزارع، وسيلحظون أن الأرض تكسبهم الصحة البدنية والروحية كلما اجتهدوا فيها أكثر فأكثر، وسيعزز ذلك أيضاً النظام الغذائي الذي سيتَّبِعُه الأطفال وفق ما تقرره لهم العيادات الطبية.
الرياضة
الرياضة من أبرز النشاطات التي توفِّر الصحة البدنية والروحية لدى الأطفال، فإلى جانب البيئة الاجتماعية المتوفرة في المدينة عموماً، سيكون بامكانهم ممارسة أنواع الرياضة المختلفة في صالة الرياضة، وملعب كرة القدم، وصالة الكرة الطائرة، وكرة السلة التي تشملها المدينة. كما ستساهم الألعاب التي سيلعبها الأطفال، والنشاطات التي سيُمَارِسونَها، في اكتشاف مواهبهم، وقدرات كلٍّ منهم على حدة؛ الأمر الذي سينعكس على نفسية الأطفال وشخصيتهم انعكاساً أيجابياً، وسيُساعدهم في تطوير مواهبهم الرياضية بامتياز.
التنمية
إنَّ توثيق سلوك الأطفال بما فيها أفعالهم وتصرفاتهم في البيئة المنزلية، وفي المدرسة والأوساط الاجتماعية، وأيضاً تصرفاتهم في مراكز المعالجة، ومراقبة تطوراتها؛ يشكل هدفاً من أهداف مدينة راف IHH لبناء الإنسان. لأنَّ عملية التوثيق والمراقبة ستُتيح إمكانيَّة تقييم مراحل نموِّهم، مما يجعل من اكتشاف ما يعاونه من مشاكل في حياتهم الطبيعية، وإيجاد الحلول لها، أمراً في غاية السهولة.
اليد العاملة
هذا المشروع ليس مجرد مركز إيواء للأطفال فحسب، بل هو مشروع سيَضُّم ما يزيد عن ٥٠٠ شخص إنسان سيعملون في شتى المجالات داخل المدينة كالمشرفين والمشرفات ومُستَخْدَمِي التنظيف والمعلمين والمعلمات والأطباء والممرضات والبقالة والفلاحين والإداريين ورجال الأمن وخبراء العلاج النفسي. وهذا ما سيُتِيح للأطفال فرصة نَهْلِ خبرةَ كلّ من له خبرة حياتية مختلفة. فيتعلمون من المشرف أو المشرفة خبرة الحياة المنزلية، ومن المزارع خبرة التعامل مع الأرض والنبات. كما سيكون بإمكانهم زيارةُ المرشد النفسي، أو اللعبُ في صالة الرياضة، في أي وقت شاؤوا.
الوعي
فضلاً عن كونها مشروعاً استثنائياً تم إنشاؤه من أجل الإنسانية، فإنَّ مشروع مدينة راف IHH لبناء الإنسان يسعى إلى جعل رعاية الأمة لأطفالها الأيتام والاهتمام بهم عن قرب، ويضع الأطفال اليتامى والمحرومين المعرضين لكافة أنواع الخطرة على رأس أولويات الأمة. لكي تعيد تأهيلهم في الحياة، وتعزز ثقتهم بأنفسهم واحترامهم لها ولمن يحيط بهم، وتُنشِئَهم على محبة الناس. الأطفال في مدينة بناء الإنسان سيَنشَؤون على وعي الأمة ، وسيَتَمكَّنون من تجاوز الصدمات التي عاشوها، وسيكونون في وسط لا يمكن الاستغناء فيه عن الخير والأخوة، وسيصبحون قادرين على إنجاز أمور عظيمة لصالح البشرية جمعاء.