وخلال المؤتمر، دعا رئيس الهيئة، المحامي بولند يلدرم، قادة الدول الإسلامية إلى الاستفاقة واتخاذ موقف حازم، قائلاً: “التطبيع مع إسرائيل خيانة عظيمة. التطبيع يعني الحكم على الشعوب بالحرمان. اخرجوا إلى الشوارع، وانزلوا إلى الميادين، وأعلنوا موقفكم الرافض لأمريكا وإسرائيل. طالبوا بوقف جميع أنواع التجارة مع أمريكا وإسرائيل، وادعوا إلى وقف أنابيب الطاقة”.
أقيم المؤتمر في المقر الرئيسي للهيئة، بحضور عدد كبير من وسائل الإعلام والمشاركين. وفي كلمته، أشار يلدرم إلى أن جرائم نتنياهو ضد الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء أثارت موجة غضب عارمة في أنحاء العالم، قائلاً: “نشعر بغضب شديد تجاه نتنياهو وترامب. يدّعون أنهم سيحولون غزة إلى مناطق سياحية. إن ترامب يقود العالم نحو حرب كبرى”.
وأوضح يلدرم أن هناك تواصلاً مستمراً مع منظمات مدنية في مختلف أنحاء العالم، وقال: “ستُقام مظاهرات في جميع أنحاء أمريكا، وكذلك في أوروبا وتركيا. هناك من يريد التهجير القسري، وهناك من بدأ يناقش الهجرة. لكن هناك فرق شاسع بين التهجير والهجرة. التهجير هو الإبعاد القسري، أما الهجرة فهي قرار يتخذه الإنسان بإرادته. حينما كانت سراييفو تُقصف، قال علي عزت بيغوفيتش: لا تغادروا. دعوا النساء يذهبن، لكن لا تأخذوا الأطفال. لأن هؤلاء الأطفال سيعرفون لاحقاً قيمة هذه الأرض. أهل غزة لا يختارون الهجرة، بل يُجبرون على التهجير القسري”.
وتابع قائلاً: “إسرائيل تقصف رفح حالياً، وستجبر السكان على مغادرتها، ثم ستُقيم معسكرات إنسانية عند الحدود. لكنها ستكون معسكرات بظروف صعبة. سيقصفون مليوني شخص ليتم نقلهم إلى هذه المعسكرات، دون طعام أو دواء كافٍ، لدفعهم إلى مغادرة غزة طواعية. لكن هذا المخطط سيفشل. فالأم الغزاوية التي فقدت ثلاثة من أطفالها تقول: طفلي الرابع أيضاً مستعد. إنها حرب شعب. لا ترامب ولا القادة الخائفون من ترامب سينجحون في كسر إرادة غزة”.
وأكد يلدرم مجدداً أن “التطبيع مع إسرائيل خيانة عظيمة. التطبيع يعني الحكم على الشعب بالمجاعة. أحد أوجه الإبادة الجماعية في غزة هو التجويع، فحتى الطحين لا يمكن إدخاله. الأطفال يموتون من الجوع. شكل آخر من أشكال الإبادة هو التدمير، والآن يخططون لإبادة جماعية عبر التهجير. لماذا لا يملك 60% من الفلسطينيين المهجرين جوازات سفر في العالم الإسلامي؟ بينما يُمنح الفلسطينيون في تشيلي جوازات. أما المسلمون فلا يُمنحون شيئاً. والآن يريدون إعادة تهجيرهم. لكن قصورهم الزجاجية قد تحطمت. هذه جريمة ضد الإنسانية. وسنقول لها جميعاً: كفى. سترون، ستتغير حدود الشرق الأوسط. لن تبقى إسرائيل هناك. ولن يبقى أيّ قاتل في المنطقة. حتى القادة الذين يصمتون أمام المجازر سيرحلون. من لا يعارض قتل الأبرياء فهو خائن، مجرم، ومتعاون. اخرجوا إلى الشوارع، أظهروا موقفكم المعارض لأمريكا وإسرائيل. طالبوا بوقف التجارة معهما ووقف خطوط الطاقة”.
وتذكّر يلدرم بكلماته مع السياسي التركي الراحل محسن يازجي أوغلو عام 2002 خلال مؤتمر صحفي نظموه في هيئة الإغاثة، حيث قال يازجي أوغلو حينها: “على الجيش التركي الذهاب إلى غزة ومحاربة إسرائيل إلى جانب الفلسطينيين من أجل تحقيق العدالة”. وبعد انتهاء المؤتمر، قال له يلدرم: “يا محسن، لقد وقّعت على شهادة استشهادك، لأنك قلت كلمة ستجعلهم لا يتركونك تعيش”. فأجابه: “ألسنا جميعاً نشتاق إلى الشهادة؟”. واعتبر يلدرم أن استشهاده كان نتيجة موقفه ذلك، مضيفاً: “من يقف بقوة في وجه إسرائيل سينتصر بإذن الله”.
وأعلن يلدرم أنهم سينظمون مظاهرة يوم الأحد، تنطلق من ميدان بيازيد في إسطنبول باتجاه آيا صوفيا عند الساعة 13:30، قائلاً: “سنُعيد إطلاق حملات التظاهر في تركيا وحول العالم. إسرائيل لم تعد مرتاحة كما في السابق. فتركيا لم تعد كما كانت، ولا الشعب المصري أو الأردني كما كان. الناس تخلوا عن ثوب الخوف. حين هاجموا سوريا، تلقوا الرد. والآن هم في ذعر، يتوسلون إلى ترامب. بدلاً من التوسل، توقف عن قتل الأطفال. الشعوب حول العالم قد نهضت، والمظاهرات التي ننظمها في تركيا تؤثر على الجميع. لا تصغوا لمن يقول: ‘ما الفائدة من التظاهر؟’، فالمظاهرات وسيلة لمواجهة الظلم. كلما تحدثنا، اضطر قادة العالم الإسلامي إلى اتخاذ موقف”.
وتابع قائلاً: “نواصل جهودنا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. لدينا 130 موظفاً داخل غزة، ونوزع أكثر من 180 ألف وجبة ساخنة يومياً. البعض يسأل: كيف توصلون المساعدات؟ لا تسألوا عن كيفية إدخالها، بل انظروا إلى نتائجها واستمروا في الدعم. بإذن الله، هيئة الإغاثة تستطيع كسر كل الحصارات، كما فعلنا في حرب البوسنة وغيرها. هل ما نقدمه كافٍ؟ لا. للأسف إسرائيل أغلقت جميع المعابر، والعالم الإسلامي لم يستطع كسر هذا الحصار. لكن الشعوب إذا نهضت، فالجدران ستُهدم. ونحن ننتظر مبادرات شعبية ستسعد الجميع. بعد مظاهرات هذا الأحد، ستنطلق مظاهرات في جميع أنحاء العالم. هدفنا هو فتح ممرات إنسانية جديدة، وهذه مسؤولية الأمة الإسلامية”.
وختم بالقول: “إسرائيل ترتكب مجازر لا إنسانية في فلسطين. استخدمت قنابل أكثر من التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية. لكنكم لن تهزموا فلسطين. أقول لشعبنا: استمروا في تقديم المساعدة، فالأبواب ستُفتح قريباً بإذن الله. علينا أن نتحرك حتى لا نخجل أمام الله. على الدول، والأحزاب السياسية، والمنظمات المدنية، والجماعات، ومنظمة التعاون الإسلامي، أن تتحرك الآن أو ترحل. الشعب لن يتسامح مع أحد بعد الآن. نحن لا نريد رؤية المزيد من الأطفال يُقتلون. الفلسطينيون يقولون لنا: دعوا أمريكا وإسرائيل ترى أن شعوب العالم تقف معنا، فعندها يتراجعون. ولهذا السبب، يجب على الجميع أن ينزل إلى الميادين”