اصيب جتين توبجو اوغلو بجروح خطيرة بعد بضع دقائق من خروجه من المستوصف الذي كان يجلب في اللحظات الأولى اليه جريحا آخرا أثناء الإعتداء الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة و توفى امام اعين زوجته جيدم توبجو اوغلو التي قامت بحكاية ما عاشته في تلك اللحظات. ولدت جيدم توبجو اوغلو في اضنة عام 1965 , بطلة وطنية تركية في التيكواندو عام 2011 انضمت لأسطول الحرية من زوجها الشهيد جتين توبجو اوغلو البطل الوطني ايضا في التيكواندو . لديها إبن بإسم ايتيك و تشارك حاليا كمدربة التايكوندو في جامعة جوكور وفا ..
و التالي هو ما عاشته خلال الهجوم الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة : كانت الاجواء على متن السفينة جميلة جدا , كان جميع الموجودين سعداء , وقدمت لنا السفينة الكثير من الجمال و ذكريات جميلة جدا, لا يمكنني ان انسى ما عشناه في السفينة و في انتاليا قبل إبحارنا, فقد كانت الطيور تتبعنا بإستمرار من ميناء انتاليا,و كانت العصافير تحلق حولنا بإستمرار, و كان السيد جتين يلتقط صورهم , قلت له لقد تركت الطيور و لكنه اجابني مشيرا إلى عصفور يطير يقرب البحر \'\' انظري .. الم اقل لك انهم لم يتركونني \'\', و حلق هذا الطائر فوق الجميع و وقف على كتف جتين و كان بينه و بين الطيور روابط صميمة. عندما وضعنا في السجن وضعت ملابس زوجي الدموية على كرسي في باحة الغرفة لتجف , و انا مغرقة بالتفكير, جاء أحد الطيور محلقا كالمجنون و هبط على الأسوار لانه لا يمكنه الدخول , وكأنه يتحدث معي حتى عودتي إلى تركيا , و بعدد عودتي إلى تركيا لا يزال الطائر يتبعني ال كل مكان اذهب اليه.. و لدينا طيورا كثيرة في شرفتنا فقد كان المرحوم يحب الطيور كثيرا , و وهبني الله تعالى هذه كذكرى جميلة.
الساعة العاشرة مساء يوم 30 مايو.قد لاحظنا أضواء حول السفينة فأصبنا بحالة من الذعر.يمكنك الاتصال السفن الأخرى في جميع أنحاء أنشئت لنا وعلمت تماما حاصرت. ولكن كان في تلك الليلة حفل موسيقي على الهواء في السفينة ، والجميع في فرح بإنتظار هذا الحفل. علمنا أنه تم إلغاء الحفل.و في الساعة 24:00 مساء بدأت الزوارق الحربية تدور حولنا ذهابا وإيابا. وجتين بك معي نواصل الدعاء و مكثنا على سطح السفينة حتى الصباح ندعي و نقرأ سورة ياسين الشريفة. إفترقنا عند اذان الصبح قائلا لي أبقي بامان الله تعالى فقلت له ان يكون حذرا. البسني سترة النجاة و ربطها ربطا وثيقا حتى انني لم اتمكن من ان اتنفس فقلت لا :\'\' جتين, انني اختنق \'\' فرد علي قائلا : \'\' اوعديني ان لا تخلعي هذه السترة ابدا و ان لا اراك على سطح السفينة \'\' فقلت له انني لا استطيع ان اعده و نزلت الى الاسفل. و بمجرد إنتهاء صلاتي جاء احد اصداؤنا يخبرنا باننا قد هوجمنا و طلب منا الدعاء و الهدو ء . و بدأت جميع السيدات تلك اللحظة بالدعاء . كنت و لسلامة النساء اغلقت النوافذ الحديدية للقاعة , و وضعت حارسة على الباب و منعت اي احد من الخروج مهما كان السبب. صعدت إلى الأعلى, كان جتين يحمل الجرحى, احضر جارنا ثم صديقنا ثم جندي إسرائيلي . رأيت لون فوسفوري اخضر على ذراع جتين اليسرى فهتفت له انه مصاب فرد علي مشيرا إلى معطفه بان لا شئ يمر منه حتى الرصاص. و انا ايضا اردت الخروج, كنا في الممر حيث يحضر الجرحى و كان جتين في الممر المقابل على بعد 20 مترا مني . لم افهم كيف وصل إلى جانبي ليقول لي هيا إلى الداكل .. ما زلت و انا في الداخل اسمع صوت جتين قادما من الخارج, يحذر الجميع و بخاصة الجرحى . و بعد حين بدأت ان لا اسمع صوته فسألت من بالخارج هل من رآه ؟ فاجابوني بانه بخير.. و لكني بمجرد خروجي من الغرفة رأيت شخصا راقدا على الارض.. فإقتربت منه و تمكنت التعرف عليه .. إنه جتين .. ملت عليه لاسئله لماذا هو راقد كذلك في ميدان يشبه ميادين الحرب .. لمست قدميه .. سالته هل هو مصاب؟ رفعت ذراعه اليسرى فلم يستجبني و سقطت يده بلا حراك, ثم ملت عليه لاتأكد من أنفاسه وضربات قلبه . وكان انفاسها مقبلة من الأعماق. قطعت ملابسه ، وجسده لم يكن ينزف. لم يكن هناك أي مكان جرح ينزف. بدأت بتدليك القلب ، و عندما بدأت تدليك قلبه للمرة الثانية أحسست تحت يدي بأشياء بدأت تنفجر .. و كانهم قد استخدموا رصاص ينفجر داخل الجسد . بدأ فجأة نزيف من الفم والأنف . فقد لاحظت أن رصاصة دخلت في مؤخرة رأسه و مختلف الاماكن في جسمه.. اتذكر نفسي و انا انادي الطبيب لمساعدتي مشيرة إلى انه ما زال يتنفس. بداءوا بالمساعدة في الوقت الذي حاولوا إبعادي عن المكان دون ان يعلموا انني زوجته.. ناديت جتين قائلة : \'\' قل لي اي شئ .. اعرف انك راحل.\'\' راجية الله تعالى ان يقول اي شئ قبل ان ياخذه إلى جواره. في تلك اللحظة أجاب الرب دعائي وسمعت جتين يحاول ان يقول لي شيئا. اشربته بعض المياه و قرات القرآن الكريم و قلت :\'\' انا راضية عنك, بارك الله فيك و رضي عنك, حلال عليك كل ما لي من حقوق , اعدك بان هذه الدماء لن تجف ابدا , و بانني و إبننا سنظل نسير على دربك\'\'.
و أخيرا قلت له : انت ذاهب, بلغ سلامنا للحبيب المصطفى\'\'. ثم اغلقت عينيه و نهضت من جواره. كانوا في السجن يرفعون الأضواء إلى زنزاناتنا كل نصف ساعة , حيث قاموا بالتحقيق معي , و لكنني رفضت ان اذهب للتحقيق لوحدي فإخترت محامي من اصدقائنا النشطاء ليحضر التحقيق و لكنهم لم يقبلوا ذلك و حققوا معي لوحدي. و لمعرفتهم عن إستشهاد زوجي قاموا بعرض صور الشهداء و الذي تعرفت من بينهم على صديقنا جودت فقاموا بالسؤال من اين أعرفه. فاجبت بانه يقوم بإلتقاط صورنا في السفينة و انه يساعدنا في غرفة الصحافة. و في آخر التحقيق عرضوا علي صورة زوجي الشهيد . وسألوا أسئلة سخيفة من هذا القبيل : هل هذا الشخص هو زوجك؟ كم عدد الجنود الإسرائيليون قتل على يده؟ هل هو عضو في منظمة ارهابية؟ لماذا أتيتم لاحتلال اراضينا؟ و الذين قاموا بالسؤال كانوا يتحدثون بلغة تركية جيدة .. لم اكل او اشرب اي شئ قدموه لي, و لم يسمحوا بالتحدث في الهاتف مهما كان السبب.