يمكن لزائر غزة أن يلحظ قسما حديثا من المدينة، لكن القسم الأكبر هو عبارة عن أطلال و خراب خلفته الحرب الإسرائلية الأخيرة، و ما يحزن أهل غزة أكثر هو عدم قدرتهم على الخروج و استمرار الحصار المفروض عليهم...و بقدر ما يبغضون هذا الحصار، فهم يكرهون إسرائيل و لا يريدون حتى سماع كلمة '' إسرائيل ''.
و لوحظت صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان معلقة في كل مكان في غزة، مجسدة موقف
'' دقيقة واحدة '' المشهور في منتدى دافوس ضد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، و تعتبر تركيا أحب بلد للغزاويين.
تباع الإلكترونيات، المنسوجات، الأدوات المنزلية في محلات غزة، لكن هذا لا يغير شيئا من واقع السجن المفتوح في الهواء الطلق الذي تحولت إليه غزة مع الحصار. فبسبب الحصار أصبح كل شيء باهظ الثمن، و قد أشار لنا دليلنا إلى أن البنطلون الذي يلبسه كان سعره قبل الحصار ما يعادل 10 دولارات ،أما الآن فقد وصل سعره إلى 40 دولار، و عند السؤال عن سبب الغلاء تحصل على جواب واحد : الحصار...
يشبه المطبخ الغزاوي المطبخ التركي كثيرا، و الشاي لذيذ جدا، يشبه شاي الأردن لكن هنا يضعون أوراق النعنع الأخضر فيه، كما توجد '' الشاوورما '' و هي نسخة شبية ل'' الدونير التركي''.
تشتهر غزة بزيتونها، برتقالها و ليمونها، لكن إسرائيل أحرقت العديد من حقول الزيتون و البرتقال. كما أن و قطاع الصيد يعتبر مصدرا حيويا للإقتصاد الغزاوي، فالعديد من سكان غزة يعملون كصيادين، لكن إسرائيل تصر على قطع كل طرق الإسترزاق على أهل القطاع، و تتعرض للصيادين في البحر لتعتدي على قواربهم أو تفجرها،و تطلق النيران عليهم.
تسمع أصوات القنابل باستمرار في غزة، و أثناء جولاتنا هناك سمعنا صوت إنفجار، اتضح أنه قنبلة ألقتها إسرائيل على مسجدا، و لم نعرف بعد عدد الشهداء الذين سقطوا هناك...و عند عودتنا إلى الفندق ليلا، رأينا أيضا إحدى المروحيات الإسرائلية فوق التلة.
أنشئت المدينة بشكل جميل، يمكن للزائر أن يلاحظ الشوارع الواسعة و اللمنتزهات و الحدائق.
لا يوجد لون معين يميز سيارات الأجرة في غزة، فالعديد ممن يملكون سيارات يستعملونها كسيارات أجرة.
لا يتوفر لأهل غزة قوت يومهم بسهولة، فالبطالة هنا تصل نسبا مرتفعة، إلا أن المساعدات الإنسانية التي يحصلون عليها من الخارج تخفف عنهم قليلا هذا الوضع.
و تعاني غزة من مشكلة البنية التحتية المدمرة، فمياه الحنفيات مالحة جدا، و قد قامت الحكومة القطرية بالتبرع بمبلغ 20 مليون دولار من أجل حل هذه المشكلة، الخطوة التي لاقت إمتنان و شكر الغزاويين.
نحن كأتراك نعرف جيدا ما عشناه و عايشناه خلال حرب الإستقلال، لهذا الشعب التركي يساند دائما كل حركات النضال و المقاومة.
عندما دخلنا غزة شعرنا أن الهواء مختلف، شعرنا براحة نفسية كبيرة، فالمدينة لها تأثير معنوي خاص على الأرواح، لأنها مدينة الشرفاء الأعزاء، حصنهم و قلعتهم.
إلا أن أحد أبنائها أعقب لنا قائلا : '' لأنكم قدمتم من الخارج ترون غزة بلدا جميلا، لكنها مظلمة بالنسبة لي فكل أبوابها مغلقة في وجه العالم الخارجي، لقد تحولت إلى زنزانة حالكة الظلام... ''
و قد جمع المشاركون في القافلة تراب غزة ليحملونه معهم إلى تركيا، و يقولون أنه أجمل هدية لأعزائهم في عند العودة. و يتمنون أن يجعل الله نصيبا للعديد من الناس لزيارة غزة.