وكان من أهم النقاط التي ركز عليها المشاركون في هذه الندوة:
- دخلت القدس تحت العهد الإسلامي منذ أن فتحها عمر رضي الله عنه واستمر الحكم الإسلامي لهذه المدينة أكثر من 1300 عام إذا استثنينا فترة الإحتلال الصليبي وفي ظل هذا الحكم عاش الناس بمختلف طوائفهم ودياناتهم بأمن وسلام لم تعرفه هذه المدينة إلا في فترة الحكم الإسلامي لها وأوضح دليل على ذلك أنها لم تعرف باسم مدينة السلام إلا في فترة الحكم الإسلامي لهذه المدينة.
- للمسجد الأقصى أهمية دينية كبيرة لدى المسلمين، فهو في عقيدتهم ثاني مسجد بني في الأرض وهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، إليه أسري خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه صلى بالأنبياء إماما، ومنه عُرج به إلى السماء.
- لقد بارك الله المسجد الأقصى وما حوله (وهذا يشمل سوريا، الأردن، مصر، لبنان، وفلسطين) كما نص على ذلك القرآن الكريم في مطلع سورة الإسراء، وبهذا يعد الأقصى المركز والركن الأساسي لهذه البقعة الجغرافية الواسعة. وإن العبث بهذا الركن والمساس به سيترتب عليه آثار ونتائج خطيرة أهمها زعزعة الإستقرار والأمن بكل ما يحيط بالمسجد الأقصى المبارك.
- لقد احتلت إسرائيل القدس الشرقية في نهاية الحرب الإسرائيلية العربية عام 1967م ونتيجة لذلك فقد وقع المسجد الأقصى المبارك تحت الإحتلال والسيطرة الإسرائيلية، وما أن دخل الصهاينة القدس والمسجد الأقصى المبارك حتى بدأت أعمال التخريب والهدم لكل ما هو مقدسي وتاريخي في هذه المدينة عموما وفي محيط المسجد الأقصى خصوصا ولا تزال أعمال الحفر والهدم مستمرة إلى يومنا الحالي تحت ذريعة البحث عن آثار مزعومة يقولون أنها موجودة تحت المسجد الأقصى المبارك ونتيجة لهذه الأعمال العدوانية فقد لحق بالمسجد الأقصى والآثار التاريخية الموجودة في محيطه من مدارس ومقابر وجوامع وأسوار وتكايا أضرارا بالغة منها ما قد تم هدمه ومنها ما هو مهدد في هذه اللحظة بالهدم والإزالة.
ومن الأمثلة على ذلك:
- هدم وإزالة حارة المغاربة تماما بهدف توسيع الساحة التي أمام حائط البراق والذي يسميه اليهود بحائط المبكى زورا وبهتانا.
- انشاء كنيس يهودي أسفل الأقصى.
- تحويل المدرسة التنكزية ومصلى البراق (وهو احد مباني المسجد الأقصى) إلى كنيس يهودي.
- فتح أكثر من عشر مناطق للحفر والأنفاق في المنطقة المسماه بالحوض المقدس.
- استمرار أعمال الهدم والتخريب في الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى مثل: حي سلوان، حي البستان وحي الشيخ جراح. ويتعرض في هذه اللحظة 88 منزلا في حي سلوان لخطر الإزالة والهدم وتهجير سكانه البالغ عددهم أكثر من 1500 شخص.
- انشاء 27 تجمعا استيطانيا في محيط المسجد الاقصى ومدينة القدس وإقامة العديد من الأحياء والكنس اليهودية فيه.
- إنشاء كنيس يهودي بإسم (أوهل إسحاق) بدلا من حمام العين التاريخي الواقع بالقرب من المسجد الأقصى المبارك.
كما ذكرنا سابقا هذا على سبيل المثال لا الحصر.
- تعلم إسرائيل أن الهوية الإسلامية للقدس عنوانه المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة وهي ترى أن بقاء الهوية الإسلامية للقدس خطر يهدد كيانها ووجودها، ولذا فهي تسعى بكل ما أوتيت من قوة تغيير وجه وهوية المدينة الإسلامية من خلال العمل على إزالة المسجد الاقصى وقبة الصخرة وذلك من خلال إقامة مشاريع تحت عناوين تعزيز الدعم السياسي لها من قبل المعسكر الخاص بها، ومن هذه المشاريع: مستوطنة حي داوود، ومنتزة التوراه، ومتحف التسامح. وهذه المشاريع التي ستقام على الأحياء الإسلامية الهدف منها أولا: عزل المسجد الأقصى عن محيطه الإسلامي وثانيا سهولة الإستفراد بالمسجد الأقصىحيث سيبقى المسجد الأقصى في هذه الحالة دون مدافع لأنه سيكون محاصرا بالبؤر الإستيطانية المقامة حوله.
- إن سكان القدس هم وحدهم في مواجهة ما يمارسه الإحتلال الصهيوني من سياسة قمعية ضدهم تتمثل في مصادرة أراضيهم وهدم منازلهم وإنشاء المستوطنات اليهودية مكانها. هذا عدا السياسات العنصرية المطبقة ضدهم من خلال التضييق عليهم في شؤون الإقامة واستخراج الهويات والتراخيص وهذا كله بهدف إحداث عمليات تهجير قسرية تساهم في تغيير التركيبة الديمغرافية للمدينة. حيث كانت نسبة السكان اليهود في القدس قبل عام 1948م لا تتجاوز 10% بينما وصلت نسبتهم في وقتنا الحالي إلى 70% هذا بالإضافة إلى الجدار العازل الذي تقيمه إسرائيل في الضفة ومدينة القدس والذي سينتج عنه إخراج أكثر من 80 ألف من سكان المدينة من محيط المدينة المقدسة، مما يساهم بشكل حقيقي في تغيير التركيبة الديمغرافية للمدينة.
التوصيات والمقترحات:
بناءا على ما تم ذكره من نقاط تركزت حولها موضوع الندوة، وحتى يكون للندوة نتائج عملية فإنه قد تم الخروج بعدة توصيات ومقترحات:
- إن الواجب تجاه ما تقوم به إسرائيل من حفريات وإنشاء أنفاق تحت المسجد الاقصى المبارك بهدف العمل على هدمه وإزالته وإقامة ما يزعمونه هيكل سليمان هو العمل على إيقافها عن الإستمرار في هذا العمل العدواني تجاه المقدسات عموما والمسجد الأقصى خصوصا والسعي لإجبار إسرائيل بدفع تعويضات مقابل ما تم تخريبه لإعادة بناء ما تم هدمه على الصورة التي كانت عليها .
- تمثل الاعتداءات الموجهة للمسجد الأقصى، إخلالا واضحا لبيان حقوق الإنسان العالمي الصادر عن الأمم المتحدة. والذي أكد حفظ حق حرية التنقل بين جميع الأماكن المقدسة في القدس وعلى رأسها المسجد الأقصى. وعلى الرغم من هذه القرارات الصادرة فأن إسرائيل تواصل انتهاكها وتعديها على المقدسات عموما وعلى المسجد الأقصى المبارك خصوصا، وفي مقابل هذه الإنتهاكات لم تقم الأمم المتحدة بمسؤولياتها تجاه قراراتها التي صدرت عنها، بل تغافلت عما تقوم به إسرائيل من انتهاك واضح لقراراتها وهي تقابل كل هذا بصمت، حتى بدأ الجميع مقتنعا أن الأمم المتحدة تمارس تطبيق سياسة الكيل بمكيالين.
- العمل على تشكيل لجنة باسم الدفاع عن حقوق المسجد الأقصى تهدف إلى تعقب الإعتداءات الموجهة ضد المسجد الأقصى وملاحقة المتورطين بها ومحاسبتهم قانونيا.
- على منظمة المؤتمر الإسلاميي – والتي تأسست في أعقاب محاولة اليهود هدم المسجد الأقصى عام 1969 – أن تقوم بدورها وواجبها تجاه حماية المسجد الأقصى المبارك وذلك من خلال تطوير وتفعيل دورها السياسي في هذا الجانب.
- لا بد من تكوين قنوات للتوعية الصحيحة بكل ما يتعلق بالمسجد الأقصى وما حوله وذلك من خلال استخدام وسائل الإعلام المكتوبة منها والمرئية، الهدف منها افشال الحملات المضللة والمشوهة لحقيقة ما يجري في المسجد الأقصى المبارك ولخلق حالة من الوعي الحقيقي للمخاطر التي تحدق بالمسجد الأقصى المبارك وهذا يمكن تنفيذه من خلال ما يلي:
- انشاء مواقع الإنترنت بشكل واسع وفعال.
- عقد المؤتمرات العلمية.
- القيام بدراسات حول ما يدور في محيط المسجد الأقصى.
- طباعة المنشورات والكتب التوعوية.
- إدخال ما يتعلق بالمسجد الأقصى من المعلومات التاريخية والإسلامية إلى مناهج التعليم في مدارس الدول الإسلامية.
- السماح بإنشاء مؤسسات المجتمع المدني الداعمة لقضية القدس والمسجد الأقصى.
- العمل على تدويل قضية القدس والمسجد الأقصى من خلال إعداد حملة عالمية تكون أجندتها إعلامية مقامة تحت شعار تحقيق السلام في المسجد الأقصى خاصة وفي محيطه عامة على أن تضم الحملة مفكرين ومثقفين من المسلمين وغير المسلمين.
- الواجب على المسلمين الموجودين في مختلف الدول بدءاً من أمريكيا اللاتينية وحتى أفريقيا ومن أوروبا غربا حتى أندنوسيا شرقا تكوين مؤسسات تهدف للعمل على إحياء التراث وحمايته والحفاظ عليه في المسجد الاقصى استشعارا بأن ذلك أمانه يحملها كل فرد من أفراد الامة المسلمة على أن يتم وضع هذه المؤسسات في إطار واحد تحت مسمى منتدى المسجد الأقصى العالمي.
- لقد حول الجدار العازل الذي بدأ إنشاؤه في عام 2002 والذي يتجاوز طوله 700 كم الضفة الغربية إلى سجن كبير. وكان من نتائج هذا الجدار أنه تم مصادرة أكثر من 15% من مساحة الضفة الغربية وطرد أكثر من 120 ألف شخص. إن الهدف الأساسي من هذا الجدار هو عنصري يحرص على التفرقة والعنصرية في زمن يسعى فيه العالم لإزالة العوائق والعقبات من الشعوب والمجتمعات، ومن أهدافه أيضا أنه يسعى لعزل القدس والمسجد الأقصى عن محيطه الإسلامي والعمل على أن يحال بينه وبين سكان الضفة عموما وسكان القدس من المسلمين خصوصا ولذا فإن من الواجب العمل على إيقاف هذا الجدار والعمل على إزالته، حيث إن قيامه لا يستند على أي مستند قانوني بل يتعارض والقوانين الدولية وعلى المجتمع المدني أن يقوم بمسؤوليته أيضا تجاه كل ذلك.
- يجب إنهاء ووقف ما تقوم به إسرائيل من إجراءات تحت ما يسمى إجراءات أمنية تهدف إلى التضييق على المسلمين المقيمين في القدس من خلال زرع ونشر آلات التصوير على أسوار المسجد الأقصى وبيوت الفلسطينيين المحيطة به وتطبيق سياسة تحديد سن المصلين القاصدين الصلاة في المسجد الأقصى، وإنشاء الحواجز الأمنية للحيلولة دون وصول المصلين القادمين من الضفة إلى المسجد الأقصى.
- إن المشكلة الرئيسية والأساسية في القدس هو الإحتلال، والإحتلال جريمة بكل الأعراف والقيم الإنسانية، ولهذا السبب فإنه لا بد من إعداد خطة تهدف إلى تحريك الإنسانية تجاه قضية القدس من المسلمين وغيرهم مستغلين المنابر المشتركة بينهم مثل منبر منتدى الحوار بين الحضارات.
- العمل على تفعيل الإتفاقيات الدولية التي تضمنت حماية الأماكن المقدسة لما تحمله من أهمية في تاريخ البشرية. والعمل على توفير الضمانات الدولية بشأن حماية الأماكن المقدسة الموجودة في القدس الإسلامية منها والمسيحية وترميمها والتأكيد على أنه لا بد من تنفيذ الإتفاقيات والقرارات والدولية بحسب ما نصت عليه.
- العمل على إنشاء صندوق مالي من أجل حماية المسجد الأقصى، والعناية به وترميمه. ولابد أن تكون إدارة هذا الصندوق إدارة مدنية مستقلة. وعلاوة على ذلك، يجب تكوين لجنة للمتابعة ورصد كل ما يدور حول المسجد الأقصى من انتهاكات واعتداءات، ثم إعلام الرأي العالمي بحقيقة ما يدور في المسجد الأقصى ومحيطه على أن يكون تمويل هذه اللجنة وما تقوم به من أعمال من هذا الصندوق.
- العمل على أن تكون ليلة الإسراء والمعراج في كل عام يوماً عالميا لنصرة المسجد الأقصى، ويكون في هذا اليوم جدول أعمال مليء بالفعاليات والأنشطة التي تساهم في نصرة المسجد الأقصى المبارك.
- العمل على حث المسلمين لزيارة المسجد الأقصى المبارك، لما لهذا من فضل بينته وأشارت إليه الأحاديث النبوية الشريفة.
- ينبغي على تركيا أن يكون لها دور فاعل في إيقاف أعمال الهدم الجارية في المسجد الأقصى والقدس. وذلك من خلال استخدامها لكل من الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنتدى الحوار بين الحضارات ومجموعات الصداقة بين المبرلمانات ذات العضوية فيها، وعلاقاتها الثنائية أيضا. خاصة أن لتركيا في القدس آثارا من زمن الدولة العثمانية يشكل ما حجمه 70% من الآثار التاريخية الموجودة هناك وكل هذه الآثار منها ما تعرض للهدم والتغيير ومنها ماهو في هذه اللحظة مهدد بذلك.
- العمل على دعم القضايا القانونية التي رفعها أهالي القدس من أجل أملاكهم الشخصية لمنع عملية التهجير القسري التي يتعرض لها الآلاف. كما ينبغي تكثيف مساندة القضايا القانونية المماثلة والمتعلقة بحقوق الملكية وذلك من أجل الحفاظ على الأماكن المقدسة وأراضي الأوقاف الموجودة في المدينة.